إن هذا الكتاب لا يبحث في الديمقراطية، من حيث هي نظام من نُظُم الحكم فحسب، بل يُعنَى أولاً بالبحث فيها من حيث هي مسألة من مسائل الفلسفة السياسية، أمَّا هذه النظم التي تُسمَّى عادةً نُظُماً ديمقراطية، فلا يتعدَّى بحثه فيها علاقتها بالغرض الذي قامتْ من أجْلِه، والمَثَل الأعلى الذي تَسعَى لتحقيقه.
ومن أراد أن يتوسع في معرفة هذه النظم، فعليه أن يلجأ إلى غير هذا الكتاب، وبخاصة إلى الكتب التابعة لهذه السلسلة ككتاب البرلمان للسير كورتناي إلبرت..
والديمقراطية لفظ متعدِّد المَعَاني يَمُتُّ إلى العواطف ببعض الصلة، إذا رأى فيه بعض الناس لواء خفاقاً يدعوهم إلى الانضواء تحته، لا لفظاً علميّاً جامداً خالياً من العاطفة، فقد يرى فيه البعض خرافة عتيقة ذهبتْ روعتها وأبلَى الزمان جِدَّتَها، ذات صلاتٍ ممقوتة بالرأسمالية والاستعمار؛ لذلك لم يكن موضوع هذا الكتاب مما يُبحث عنه في معاجم اللغة، بل مما يُبحث عنه في عواطف الأحياء من الناس؛ الرجال منهم والنساء وأهوائهم وعاداتهم ومعتقداتهم..