صدرت أخيرا، عن دار نوفل – هاشيت في بيروت، رواية "الصبية والليل" (376 ص) للكاتب الفرنسي غيّوم ميسّو (1974) الذي صدرت له رواياتٌ عرفت نجاحا جماهيريا كبيرا، وتُرجمت إلى نحو 40 لغة، من بينها العربية، فباعت ملايين النسخ في مختلف أنحاء العالم. وهو بهذا ينتمي إلى لفيف الكتّاب الذين يُصدرون كل عام عملا ينتظره القرّاء بلهفة، ويتهافتون لشراء مئات آلاف النسخ عند صدوره. ومع ذلك، لا يلقى الكاتب الجماهيري الشهير الإقبال أو الإعجاب ذاته لدى فئة النقّاد والمهتمّين بدراسة الأعمال الأدبية ومتابعتها، هو الذي بدأ الكتابة طالباً، ثم انتقل في التاسعة عشرة من عمره إلى الولايات المتحدة، ليعود من بعدها فيتابع دراسته في العلوم الاقتصادية والاجتماعية، ممارسا التعليم بعد تخرّجه، خلال خمس سنوات متتالية.
مع ذلك، تقفز الرواية من مفاجأة إلى أخرى، ومن تشويق إلى تشويق، فيما يخبرنا الراوي (روائي مثل غيّوم) أن سبب مجيئه هو استدعاؤه الملحّ والطارئ من صديقه ماكسيم، خوفا من افتضاح أمرهما. أكثر من ذلك، سوف يكتشف مرتكبا الجريمة أن سرّهما ليس محفوظا البتة كما كانا يظنّان، إذ هناك من يعلم بما جرى، وها هو يهدّدهما بفضح كل شيء.
من ضمن حلقة قدامى الطلاب، سنتعرّف إلى مانون التي أصبحت شرطية، وستيفان الذي أصبح صحافيا، وفاني التي صارت طبيبة قلب. هذا إلى جانب شخصيات أخرى تلعب أدوارا على درجاتٍ متفاوتةٍ من الأهمية، في تعقيد القصة أو في دفعها نحو خواتيمها. كانت الضحية فينكا تعيش علاقة ولهٍ حقيقيّ مع أستاذها، إلى أن قرّرت الهرب معه إلى باريس خلال ذلك العام (1992)، حيث اختفيا كليةً كما يخبر الجميع. يشكل هذا الاختفاء محور الرواية وعقدتها، حيث سيتبين الحقيقي من الكاذب ضمن ما يشكّل رواية بوليسية تستند، بشكل أساسي، إلى تعاقب الأحداث وتتالي المفاجآت، أكثر مما ترتكز على عمق القصة أو حساسية تركيب الشخصيات.
في النهاية، سوف ينجذب القارئ إلى متابعة أحداث "الصبيّة والليل"، شرط ألا يكون متطلّبا أدبياً، وألا يبحث عما يتجاوز قضاء وقتٍ ممتعٍ في قراءة قصّة بوليسية مشوّقة.