".. وبصراحة، بدأت أشعر أن العالم هو بيتي، وكأنني أنتمي حقاً إليه، ولستُ أزحف على سطحه وحسب"
ثمة جاذبية استثنائية في القصص التي يتصدى الأيتام لبطولتها، لأنها بطولة حقيقية. عندما تخرج إلى العالم، وتتصدى إليه بصدرٍ مكشوف، دون منظومة اجتماعية تعمل على دعمك وحمايتك. يبدو الأمر منطقيًا إذا تذكّرنا أكثر قصص الطفولة التي تركت آثارها في قلوبنا؛ هايدي، آني، طرزان، سارة أو سالي، أوليفر تويست، توم سوير وحتى هاري بوتر. إنّ هؤلاء هم الأبطال، الذين نتعلّم من خلالهم أن نحبَّ الحياة، وأن ننتمي للعالم حقًا، بتعبير جودي آبوت.
كتبت هذه الرواية في 1912، ومنذ ذلك الحين وهي مصدر إلهامٍ للقرّاء والكتّاب والفنانين على حدّ سواء، وقد تم تحويلها مرارًا إلى عروض مسرحية وموسيقية، أفلام ومسلسلات وحتى إلى مسلسلات كرتونية. تحكي هذه الرواية مغامرة جودي آبوت، التي خرجت من الميتم، لأن أحد الأوصياء قرر التكفّل بعملية تعليمها بعد أن لاحظ موهبتها الاستثنائية في الكتابة، والكتابة الطريفة تحديدًا، وإصرارها على السعادة بصفتها خيارًا في الحياة، وليست حقًا مكتسبًا من الولادة.
تعتبر هذه الرواية بمثابة النّص المضاد لكل الحكايات الخرافية. إنها تفنّد، ببطءٍ ونعومة، حكاية الأميرة حبيسة البرج التي تنتظر أميرًا مخلّصًا، وإذا كان هناك منقذٌ يظهر في بداية العمل، على هيئة ظلٍ طويل ومجهول، فسنتتبع معًا مسار جودي وهي تخرج من وصايتهِ، وتتخذ قراراتها بنفسها، وتكبر كما لم يخطر ببالِ أحد.